أمريكا
الأرجنتين
-
2024 التصنيف
66/ 180
٦٣٫١٣ :مجموع
مؤشر سياسي
65
54.83
مؤشر اقتصادي
119
38.45
مؤشر تشريعي
37
76.12
مؤشر اجتماعي
80
63.89
مؤشر أمني
75
82.34
2023 التصنيف
40/ 180
٧٣٫٣٦ :مجموع
مؤشر سياسي
30
75.25
مؤشر اقتصادي
71
49.80
مؤشر تشريعي
2
90.66
مؤشر اجتماعي
53
76.82
مؤشر أمني
86
74.27

يشكل التمركز الشديد لوسائل الإعلام والغموض الذي يلف ملكيتها، والاستقطاب الذي يلقي بظلاله على المشهد الصحفي وانعدام السياسات العامة التي تضمن التعددية وهشاشة القطاع من بين التهديدات الرئيسية لحرية الإعلام في الأرجنتين. ويوفر هذا المناخ أرضًا خصبة لضغط الحكومة والشركات على وسائل الإعلام من خلال اللعب بورقة الإعلانات والاستخدام الحزبي لوسائل الإعلام العمومية، الوطنية منها والجهوية والبلدية. هذا ويُشكل وصول خافيير ميلي إلى السلطة نقطة تحول جديدة مثيرة للقلق فيما يتعلق باحترام الحق في الوصول إلى المعلومات في البلاد، علماً أن الرئيس الجديد لا يتوانى في الإفصاح علناً عن عدائه للصحافة.

المشهد الإعلامي

صحيح أن القوانين الليبرالية المعمول بها تضمن الحق في الوصول إلى المعلومات وحرية التعبير، إلا أن التعددية الإعلامية تشوبها العديد من الشوائب على مستوى السياسات العامة كما تئن تحت وطأة تمركز مهول. وتعتبر مجموعة كلارين الفاعل الرئيسي في الصحافة الأرجنتينية، إذ لها تأثير كبير في جميع الأسواق الإعلامية المحلية. وبدورها، تحظى صحيفة لا ناسيون اليومية والموقع الإخباري Infobae والقناة التلفزيونية الخاصة Telefe بشعبية واسعة النطاق. وفي بعض المقاطعات البعيدة عن بوينس آيرس، تكون حرية التعبير مشروطة باقتران المصالح الاقتصادية والسياسية، مما يزيد من القيود المفروضة على حرية الصحافة. هذا ويُشكل إغلاق تيلام عام 2024 ضربة قاسية للحق في الوصول إلى المعلومات، علماً أن الأمر يتعلق بوكالة الأنباء الرئيسية في البلاد.

السياق السياسي

حرية التعبير مبدأ يقدِّره الأرجنتينيون أحسن تقدير، كما ينال دعم جميع الطبقة السياسية تقريباً، سواء عن اقتناع أو من باب المداراة. فعلى مدى العقود الماضية، كان لمنطق المواجهة السياسية والاستقطاب الواسع، مدفوعًا بالمصالح السياسية والاقتصادية، تأثير مباشر على قطاع الإعلام من خلال تقويض جودة التحليل والأخبار، إذ يجد الترويج لخطاب الكراهية والعنف صدى واسعاً في وسائل الإعلام ذات التوجهات المختلفة. وبينما تُستبعد القضايا الحساسة المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من النقاش العام، تُركز وسائل الإعلام اهتمامها بشكل كبير على المدن الرئيسية، ولا سيما العاصمة بوينس آيرس. ذلك أن الرئيس اليميني المتطرف خافيير ميلي، المنتخب عام 2023، يشجع الاعتداء على الصحفيين والهجمات التي تهدف إلى تشويه سمعة وسائل الإعلام والصحفيين الذين ينتقدون سياساته، علماً أن هذه النزعة تجد أصداء واسعة في صفوف أنصاره.

الإطار القانوني

يكفل الدستور حرية الصحافة. فمنذ عودة النظام الديمقراطي في عام 1983، تحرر الإطار التشريعي من المبادئ الاستبدادية التي كانت قد ميزت العقود الماضية، حيث تم إلغاء تجريم الازدراء والافتراء والسب والقذف من قانون العقوبات، بينما أصبح التعويض عن المعلومات الكاذبة أو التشهير مقتصراً على المجال المدني. كما أن سرية المصادر والأسرار المهنية مضمونة في الأرجنتين. ومن ناحية أخرى، تستمر المحاولات المبطَّنة لإسكات الصحفيين، مثل الضغوط الاقتصادية. هذا ولم يُسجل تقدم ملحوظ على المستوى التشريعي فيما يتعلق بالحد من الرقابة. وقد أعلن الرئيس خافيير ميلي عن نيته إغلاق أو خوصصة وسائل الإعلام العامة من جهة والتوقف عن تمويل وسائل الإعلام المجتمعية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى إفقار المنظومة الإعلامية في البلاد.

السياق الاقتصادي

لا تسلم الصحافة الأرجنتينية من الصعوبات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تفاقمت الظروف المزرية للعمل الصحفي وضعفت في المقابل الموارد المخصصة له. ذلك أن وسائل الإعلام الأكثر نفوذاً تنتمي إلى نخبة من التكتلات المرتبطة بالاتصالات والنفط والأشغال العامة. فبين عامي 2015 و2019، تم إلغاء جل اللوائح التي تنص على مكافحة التمركز وتضارب المصالح. ومن خلال الإعلانات والإعفاءات الضريبية ومنح العقود، تلعب الدولة دوراً مبهماً. وفي المقابل، فإن هيئات الدفاع عن الجمهور ومراقبة سوق الاتصالات تظل إلى حد كبير تحت رحمة السلطة السياسية. هذا ويعاني قطاع الإعلام من هشاشة خانقة بسبب الأزمة الاقتصادية الخطيرة المتفاقمة في الأرجنتين.

السياق الاجتماعي والثقافي

الأرجنتين بلد يطغى عليه التباين بشدة؛ بلد مقسم بين محافظة بوينس آيرس الكبرى، حيث يعيش 30% من سكان البلاد، و20 مدينة متوسطة الحجم ومناطق شاسعة ذات كثافة سكانية منخفضة. وبينما تبقى الثقافة في متناول ساكنة جميع المناطق، فإن الظروف الأساسية للبث وممارسة الصحافة تختلف اختلافاً كبيراً من منطقة إلى أخرى. فقد أدى الاستقطاب السياسي وصعود التيار المتطرف إلى السلطة، مثل تيار الرئيس ميلي، إلى تفاقم ظاهرة التعصب والعنف، سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الرقمي، وذلك بدعم من الشرطة في كثير من الأحيان.

الأمن

لم يتم الإبلاغ عن أي حالة احتجاز أو اغتيال في صفوف الصحفيين بالأرجنتين منذ سنة 2000، حيث نادراً ما تُسجَّل اعتداءات جسدية، علماً أن أي هجوم أو تهديد ضد الصحفيين أو وسائل الإعلام تثير سخط المواطنين والطبقة السياسية على حد سواء. ومع ذلك، يمكن أن يتعرض الفاعلون الإعلاميون لعنف الشرطة أثناء المظاهرات الكبرى، والترهيب من قبل المنظمات الإجرامية (المخدرات، والاتجار بالبشر، وفساد قوات الأمن)، علماً أن وزيرة الأمن باتريسيا بولريتش لا تتوانى عن دعم قوات الأمن حتى عندما يُشتبَه في ارتكابها انتهاكات ضد متظاهرين وصحفيين.